jeudi 25 février 2010

تدوينة حزينة

الذبانه ما تقتلش امّـــــــــــــا ادّره الخواطر وفي رواية أخرى ادّرع وممكن مشتقة من الدرع لونو خايب ومنظرو خايب وطعمو خايب حكمى عليه فيه برشة تعسّف لانو كان رفيق سنوات التعليم العالي كي يقرصك الشرّ والفلس ادور على صراير الوالده يا سطل بسيسة بالشامية مخزّن تحت الفرش ويا صرّه درع محشية في البلاكار على ما ياتي .
وقتها كنت تعرف تتبننّ كلّ شيء ، الساڤطة لاڤطه ، ما نسيبو شيء وما أحلى كل شيء ، تكبر وتفقد القدره انّك تطّعم وتولى حتى تعاف وتقرف ، توة زعمة المشكله في الدرع في حدّ ذاته ؟؟ أبدا هو هو من اللى بدات الدنيا واحنا نعرفوه ، حبوب يجيبو بابا بالويبة والا الشكاره وتساومو امى وتنشرو في قصعة الصابون في الحوش والا على أطبقة البشكوتو ، وتبدى جمعة وهى اتنوشلو هاو حمص من هنا هاو حشايش من غادي وتبعثو للطاحونة يترحى و اطيبهولنا في صباحات الشتاء البارده قبل ما نمشيو للقراية ، وكى كبرنا وبعدنا مهما تعمل لازم كى تحل الصاك اول ما تدخل لبيتك في المبيت تلقى صرّه من الصراير محطوطة وانت ما فقتش بيها ، امى تعرفنا ما انحبوش نهزو صاك رزين ماذابينا تعطينا ايسباس ، اما منين باش يجيب الوالد لخمسة صغار مشردين على جامعات العاصمة ،، ودون اللى يقرى في المعهد ؟؟ كنّا عاملين جدول للمرواح ، وعمرنا ما التزمنا بيه انروحو الساعة ومن بعد يحلها ربي ، وديما يحلها ربي وبابا ،
بابا راجل عمرو لا قرى ولا تعلم حرف ، جاب حداش صغير على خاطرو عاش محروم من العيلة الكبيرة وما يتفكرش بوه اللي مات وخلاه غشير يلعب ، من صغرتو هز امو وخوه اللى اصغر منو في سنيّــــــه وشڤ الخلاء من برّ لبرّ يخدم على لحمو ، يلڤط في الحصايد بالڤمحة بالڤمحة باش ما يباتوش للشّر ، يسرح بالغنم في الجبال ويهزّ في حمل فوق طاقتو باش امو ما تبكيش وخوه يبات دافي ، كبر الخو الصغير وعرّسلو واستنى عام وراء عام يرى صغارو اما ربي ما حبّش ، كي ربّي ما حبّش بابا تصرّف ، وعرّس هو وجاب ليه ولخوه وقّراهم الكّل وعطاهم لحمو ودمو وعينيه وصحتو وافادو كى الاخر ما يعطيش ، ودخل يخدم في اداره مسمار في حيط الصغار كبرو ، ولازمنى نخمم في مستقبلهم ، مسكينة الشهرية اش قاسات ، وزير متاع اقتصاد ما يحلّش المعظله متاع عجزها ، ونجحنا الكل ب ثلاث مائة وعشرون دينار في الشهر، نزلت فيهم البركه وصراير اميّ سدّو الفجوة والهوّة الرقمية ، كانت اللوحة والطلاسة والطباشير والمحفظة والميدعة والكتب رزق مشترك فوج الصباح وفوج العشية والتبادل يصير قدام باب المدرسة وكنا نضحكو على كل شيء ، ونتبننو القراية على البريميس في الليل ، واتشد علينا امى دروسنا بالواحد بالواحد ، امى اللى ما تعرفش تقرى ، كان كى يتلعثم واحد تنزر عليه واتقلو زيد احفظ درسك ماكش حافظو ، كى تخزر في عينينا تعرفنا مراجعين والا لا، لين دخلت للمعهد الثانوى باش فقت بامى ما تعرفش تقرى ، اما كانت موجوده معانا في كلّ خطوة ، لا تعبت من صابون ولا من طابونه ولا من كنسان ولا من خياطة كلاسطنا ، ديما عندها وقت تسمعنا وتضحّكنا وكنّا كى نتعاركو على مريول والا سروال وكل واحد فينا يبدى يعيّط متاعى ، لا متاعى أنا ، كانت تقطّعها القطعة قدامنا وتقوللنا اللي في الدار هذى متاع الناس الكل ، ما عندكش متاع تحت ها السقف ، زعمة أمى كانت اشتراكية وما تقصدش؟؟ توة يدخلو للقسم وليدات كى النوّارات ، لابسين أحسن لبسة ، مغرقين شعرهم بالجال وعاملينو كى السردوك ، سبيدريات ترعب وهاتف محمول ومصروف الجيب ، امّا ضايعين في قرايتهم ، عندهم كلّ شيء ما فماش علاش يتعبو ، وياكلو الكتب ماكله باش ينجحو ، والديهم لاهين في الخدمة يروحو تاعبين يتغرسو الناس الكل قدام صندوق العجب ساكتين حد ما يحكى مع الاخر ، اولياء تكلّمهم في التليفون ما يهزوش عليك ، تستدعاهم ما يجوكش ، في بالهم كى يوكلو ويلبسو اكاهو وفات الخدمة لا ما نتصورش اهم ما في التربية انك تحكى مع اولادك وتسمع خنّار نهارهم كيفاش تعدّى واتبّع قرايتهم ، في وقت أحرف كيف ما هكّة ما فمّــــــــــة كان العلم ينجّم يصلّح كل شيء وفي كلّ وقت هو الثروة الوحيده اللى تنجم تقاوم بيها الاستبداد والظلم والجهل والجبروت والفقر والفقر المعرفي انتن انواع الفقر

samedi 20 février 2010

على نيتي

يا وطنيتي
وطنيتي
يا وطنيتي
يا وطى نيتي
سامحوني بربي... ريتوش "وطى نيتى "متعديّة من هوني تجري ،هوكا عندها هالات كحل تحت عينيها ...تى لا لا موش ضرب علاه ها الفال ....تى انا استجواب متاعك يا راجل يهديك فاش قام ...انا "وطى نيتي" لا تشوبها شائبة، شريفة ،نظيفة ،عفيفة ، ماهياش متكلمانية ...أى أى ...قانعة باللي كتبلها ربيّ العلىّ القدير...متسامحة ، متصالحة ، متمسّكة بجميع أنواع المساسك اللي خلقها البشر ،ومن كلمة البشر تلقى برشة برشة شرّ الله ما عافينا ،،،
الزّززززززززح كان نلقاها توة بركه "وطى نيتي"، الاّ ما انشّدها نبوس وانعنّق ، انبوس وانعنّق ، لين تعرف انّ الله حقّ ، وانقلّها سامحنى نبزتك وطيحتلك قدرك قدّام التلفزة والمجتمع المدنى هكة متصدّر يتفرّج عليّ وأنا نهنتل فيك ،يا ما أوطى نيتى ساعات كي نبلبزها معاك على الملأ، نعرف ،وراسك نعرف، يعن جدّ بابا نعرف نعرف ،،،قدّاش تحملتني لين كسّرتلي ضلعة بالأمارة، تتفكر وطى نيتي، انا ما نسيتش، تى نعرف ما تقصدش نهارتها ،وما يكسرلك ضلعة والاّ يشحطك بداودي يزرقلك عينك كان اللى يحبك ونعرفك تموت عليّ كيف ما أنا بالضبّط انموت عليك اما ميسالش تخليني نتنفّس ساعات ....شبيني وليت نخرم انا نفسخّ الجملة الاخرة فاش قام جبدان التوارخ القديمة ...
نقلها ،وطى نيتي ،،سامحنى ما نقصدش، راني على نيتي ،وأنا نتفرّج في الأخبار ، خواطري دارت ورديّتك، حسيت روحى في الكار الصفراء وسط ثنية عربي بكلها حجر وكلاب ميتة والكار ترجّ رجّان معدتى تقلبت وردّيتك ، ما نقصدش كى لقيتك في حجري طحت فيك بالكفوف ، أضرب أضرب أضرب أضرب ، حسبتك دايخة ، حبيت نفيقك وراسك على نيتي يا واطى نيتي ،حتى كيف فقت بيك تفرفط قلت شدّك كريز واستخايلتك مريضة بالأعصاب على هذاكة كويتك بمفتاح حديد ، في بالي نداوي فيك بالعربي ،تى الساعة عزيتك أنا الدواء العربي مش لليّ يجي راهو ، ياخى وليت تصيح وتعيط وخفت لا يتلمو علينا العباد وانت تعرفى في وطنى البصة ما تتخباش ويعملولها طاولة وكراسي ، ما لقيت بيها وين عاد وسكرتلك جلغتك باش ما تفضحنيش ، توّة هكّة تتنبز منيّ وتغفّلني وتهرب، هكّة وطى نيتي ، تخرج من غير ما تقليّ وين ماشية ، وتخليني عروقاتي شرتلة ندادى في جرتك من بلاصة لبلاصة ، توة بربي كان شدّوك أصحاب النفوس المريضة واستفعلوا فيك ، آش يكون موقفي قدّام الموّطنين الأخرين أنا؟؟
هكّة تحبّني نطلع عليهم بوطى نيتي خرنتيتي مشدودة بالسيف؟؟ تحبهم يحقروني ، ونولي منعوت بالصبع؟؟ عيب عليك تعمل فيّ هكّة ،أىّ أرجع يرحم والديك لآفّادي خليني نتهنى عليك ونبلعك ونمرقد ، ونوعدك ماعدتش نتفرّج في جدّ بوها الأخبار ...
يا واطى....نيتي...
نيتي
نيتي
نيتي
واطى نيتي...

dimanche 14 février 2010

الوجبة الثالثة / حسن النّعمي

عندما وضعـوه في الزنزانة، أخبروه أنه سجـين مـن نوع خاص. لم يستطع أن يجادل في الأمر. استسلم لمصيره. بدأ يتحرك في محيط ضيق يكتنفه ظلام دامس. حدق حتى شعر أن عينيه تقفزان من وجهه. تخيل نفسه بلا عينين. ضحك من مرارة اللحظة. كانت عيناه توغلان في الظلام. لا شئ إلا هو والظلام. ميز الأشياء من حوله باللمس. تعرف على موقع صنبور الماء والكوب. تعرف على المرحاض. تعرف على السرير. أما الاتجاهات فلم يميزها. ظل يجادل نفسه حتى ضجر واستكان في رحم الصمت. مع الأيام، بدأ يعتاد النظام من حوله. ثلاث مرات في اليوم، ينزلق من تحت عتبة الباب طبق زهيد، بارد، بلا رائحة. مع مرور الوقت، لم يعد انزلاق الطبق شيئاً مفرحاً أو استثنائياً في يومه المكتنز بالضجر.

*****

دار في ذهنه أن يقيس أبعاد الزنزانة. بدأ القياس مستخدماً الخطوة، ثم الذراع، ثم القدم، ثم الشبر، ثم الأصابع، ثم ... بعد أن استنفذ كل احتمالات القياس، لم يعلم على وجه اليقين أبعاد الزنزانة.

*****

بدأ يعاني من فقدان الإحساس بالزمن. اهتدى إلى طريقة أبهجته. قرر أن يحتفظ كل يوم بكسرة من الخبز المقدم مع وجبة اليوم الثالثة. هكذا تسنى له أن يضع زمناً خاصاً به. ففي ظل انعدام النور، قرر أن تكون إحدى الوجبات هي الثالثة، ومن ثم بنى احتمالات الوقت على هذا الافتراض. شغلت هذه العملية ذهنه ووقته، وجعلته يتعلق بمستقبل ما، ربما فقط مستقبل الوجبة الثالثة.

*****

للمرة الأولى منذ نزوله هنا، قرر أن يتنصت على حارسه. اقترب من الباب. سمع هسيس أقدام متباطئة، جعلته يقرر أن صاحبها رجل بدين. وفي فترة أخرى، عاود هواية التنصت، سمع وقع خطوات أشد خفة ورشاقة. كان هذا الاكتشاف كفيلاً بأن يشعل في نفسه حب معرفة المحيط الخارجي. أخذ يربط تغير وقع الخطوات بنظام الوجبات، حتى تيقن أن الأقدام ذات الهسيس تحرسه ما بين الوجبة الأولى والوجبة الثالثة. أما الأقدام ذات الخفة والرشاقة فتحرسه ما بين الوجبة الثالثة والوجبة الأولى، أو هكذا استطاع أن يخمن.

*****

مع الأيام، تجمع لديه كم هائل من كسر الخبز اليابس التي دأب على جمعها. وعندما غطت بقايا الخبز أرضية الزنزانة بأكملها حتى حاذت ارتفاع سريره، فكر في كيفية الخلاص منها. ليس هناك إلا طريقة واحدة. نعم، أن يفتح الحرسي باب الزنزانة. قرر أن ينادي الحرسي:
- يا حرسي .. يا حرسي، أنا صاحبك المسجون. هل نسيتني؟!
أنصت منتظراً الرد. لا شئ سوى هسيس أقدام الرجل البدين. أنتظر حتى تغير وقع الأقدام. نادي بصوت ملؤه الرجاء:
- يا حرسي .. أنا صاحبك بالداخل منذ أمد لا أعرفه. أفتح، لي حاجة عندك.
لا أحد يجيب. تملكه يأس فظيع. ماذا عساه يفعل؟! وبعد طول تفكير هداه عقله أن يبني جداراً موازياً لأحد جدران الزنزانة. وهكذا يستطيع أن يحافظ على معرفة الوقت دون أن يعيش محاصراً بكسر الخبز اليابس. على الفور جد في عمله. أسس قاعدة عريضة من كسر الخبز. نهض جدار عريض من كسر الخبز. عندما ارتفع البناء مقدار منتصف جدار الزنزانة تقريباً ارتقى فوقه. جفل فجأة. اضطرب، تحسس بيده تجويفاً مربعاً. صرخ مندهشاً:
- رباه، نافذة صغيرة!

تساءل ما إذا كان بوسعه أن يفتحها؟ خاف من عاقبة مجهولة لفعله. لكنه قرر أنه لن يخسر شيئاً أكثر مما خسر. فتحها. تخنجر ضوء النهار الحاد في عينيه. أغمض عينيه سريعاً. لم يستطع أن يفتح عينيه للوهلة الأولى. عانى كثيراً حتى عوَّد نفسه على رؤية الضوء. فتح عينيه بالتدريج، ثم أرسل بصره بشوق إلى الحياة. يا له من عالم مغاير لما يعيشه. رأى فيما رأى شارعاً عريضاً يموج بالبشر، رأى الحوانيت متراصة على الجانب المقابل لزنزانته. رأى مقهى مزدحماً في منتصف الجهة المقابلة للزنزانة. استهواه منظر الزبائن. حركة نابضة بالحياة. عشق هذا المتنفس الجديد. كان لا يبرحه إلا لماماً. كان يتابع بنظراته المارة بدأب منقطع النظير. رأى فيما رأى رجلاً يتشاجر مع امرأة، ثم يفترقان. رأى قصاباً يتمايل مع أغنية ساذجة تنم عن طبقته الاجتماعية. رأى جماعة تشاهد التلفزيون، فجأة تصرخ بصوت واحد: هدف. رأى رجلاً يوقف سيارته أمام محل ملابس مشعلاً بوق سيارته. خرجت امرأة من المحل غاضبة. ركبت وكانت يدها تلوح نحو وجه السائق. رأى امرأة تترجل من سيارة أجرة، تنقد السائق وتنصرف في حركة استفزازية محرضة. يتبعها شاب متأنق. تشتمه، لكن الشاب يلاحقها. رأى فيما رأى تصادم سيارتين يستجلب الناس والشرطة والضجيج.

عندما رأى الشرطة، وارب النافذة قليلاً، وأخذ يختلس نظرات خائفة.