المشهد الأوّل
قاعة محكمة باردة باهتة الألوان ومنصة خشبية تعلوها وجوه مكفهرة لا نرى منهم غير الأعين المتلصصّة كراسي مبثوثة في لا مكان ولا زمان عليها أجساد هرمة متلحفة بالعلم الوطني ، قفص خشبي تتكدّس فيه أجساد بلا ملامح تكسوها الدماء
يعلو في القاعة صوت المنادي
الشهيد رقم واحد
الاسم : تونسي
اللقب : تونسي
المهنة : ثائر
التهمة : وطن
يقف جسد مضرّج بالدماء داخل القفص ويجيب : حاضر سيدي
صوت يأتي من وسط "كتيبة القضاة" ليتلو بيان التهم
أنت متهم بالموت العمد مع سبق الاصرار والترصد من أجل تعطيل مسار الانتقال الديمقراطي في البلد
هل تعترف بضلوعك في التهمة المنسوبة اليك ؟
يجيب الشهيد : انا لم أفكّر في الموت كنت مشغولا بالحياة
القاضي : كيف تفسّر وجودك في ساحة عامة ساعة انطلاق الرصاصة ؟
الشهيد : كنت أحاول التحليق سيّدي ، آكتشفت انّ لي جناحين قادرين على الوصول الى نبع الحريّة فنزلت الساحة مع أقراني لنمارس مواطنة كاملة وهتفنا للنور الذي سكننا وانطلقنا في مسيرة سلميّة لا سلاح فيها سوى جسد أعزل
القاضي : أنت تعترف اذا انّك كنت عنصرا مسلّحا ؟
الشهيد : جسدي سلاحي كان محشوا بحبّي للحريّة
القاضي : ولم رفعت سلاحك في وجه القنّاص ؟
الشهيد : من أجلك سيّدي ومن أجل كلّ مواطن أعزل الاّ من جسد